الأحد، 6 مايو 2012


SOUTH-FILE

وزير النقل الاسبق صالح عبدالله مثنى لـ صدى عدن: من الخطاء تحويل القضية الجنوبية الى بازار سياسي

الأربعاء , 02 مايو, 2012, 01:21

  •    
  •    
  •    
  •    
  •    
  • Bookmark and Share
عدن - صدى عدن - خاص
تتسارع الإحداث وبشكل ملفت وكل يوم يمر يصير فيه المشهد السياسي أكثر ضبابية من سابقه ومعه تزداد أوضاع البلاد تعقيداً ثورة شبابية جرى احتواءها ومبادرة خليجية تواجه بعوائق شتاء والمطالبة بفك الارتباط تتصاعد بوتيرة اقوي كل هذه الأمور وغيرها كانت محور حوارنا بوزير النقل الأسبق صالح عبد الله مثنى لـ صدى عدن
حاوره: احمد حرمل
*كان عام 2011م عاماً فارقاً في حياة اليمنيين أنتج مبادرة خليجية مرفوضة من ثوار الساحات وحكومة وفاق غير مرحب بها وتعثر واضح في تنفيذ الإلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وتغيير بات مستحيل كل تقرؤون المشهد السياسي في ضوء هذه التعقيدات؟
قبل الحديث عن الأمور التي أشرتم لها في سؤالكم دعني أتحدث لماذا وصلت الأوضاع إلى ما هي عليه ألان؟ وللإجابة على هذا السؤال نود الإشارة إلى إن اليمن ظل يعاني ولا زال من ارث التخلف الاجتماعي، وهيمنة الثقافة التقليدية والأفكار الشمولية ونقص المعرفة في المجتمع ولدى القوى السياسية، والتي أدت إلى تعثر الانتصار لثوراته الوطنية , ودخوله في حالة من الصراعات والحروب لم تكن تتوقف إلا لتبدأ من جديد ، استهلكت الكثير من أبنائها و مكاسب الثورة وقيمها وزادت عليها بترسيخ مفاهيم الاستبداد والتخلف لإدارة السلطة، وجعل الوظيفة العامة مصدراً للثراء ، وتحويل العمل الوطني إلى احتراف سياسي لخدمة مصالح أنانية ضيقة.
راكم كل ذلك أوضاع أوصلت البلاد إلى ذروة الأزمة العامة والمركبة ، تجسدت بحالة فشل في تحقيق الوحدة الوطنية التي دعت لها ثورة سبتمبر في احد أهدافها , ومع ذلك تفاقمت حتى أصبحت اليمن على شفا حرب طائفية مذهبية، فشل بواقع الوحدة اليمنية التي دفعت ثورة أكتوبر لتحقيقها وجرى تدميرها بالطابع الاندماجي والحرب الظالمة وإفقار المجتمع الجنوبي، فشل في إقامة الدولة العادلة وتحقيق الأمن والاستقرار وبناء إدارة كفؤة ونزيهة لتحقيق تنمية اقتصادية ناهضة ,فشل في صياغة مشروع وطني للتحول الديمقراطي كمشروع للمصالحة التاريخية والشراكة الوطنية, فشل في انتهاج سياسة خارجية بناءه لتحقيق التكامل الإقليمي والشراكة الدولية, وهذه هي طبيعة التحديات التي تواجهها البلاد في الواقع.
   في مناخات هذه الأزمة الشاملة جاء الحراك الجنوبي والثورة الشبابية كحركات عفوية وحازت على تأييد ومشاركة واسعة لكل فئات الشعب وقواه السياسية والاجتماعية، ولكنها بدت تفتقر إلى الرؤية المتكاملة لتلك التحديات , والآليات الموحدة لقيادتها , والإستراتيجية السياسية لإدارتها , من اجل تحقيق تطلعات الشعب بنيل الحرية والتغيير، ومع ذلك تطورت ألانتفاضه الشعبية, وأخذت الأوضاع تدخل حالة من المواجهة والعنف وانتشار الفوضى, حتى غدت تنذر بانهيار الدوله بشكل عام ,وعندما أصبح الوضع يهدد بتداعياته تلك المصالح الإقليمية والدولية المرتبطة بهذه المنطقة ، جاء تدخل دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وجرى اعتماد المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن من اجل تحقيق تسوية سلمية للأزمة ورعاية تطبيقها. ولكي يحصى مثل هذا التدخل بالنجاح و التأييد الشعبي الأوسع فانه ينبغي تطويره الى صيغه للشراكة الوطنية والإقليمية والدولية, ومشروعا لمواجهة ومعالجة حالات الفشل تلك والتي كونت الأزمة العامة في البلاد , و أصبحت بنتائجها تمثل تحديا مشتركا , وجعلها في صدارة مهام حكومة الوفاق و جدول إعمال مؤتمر الحوار الوطني والتسوية السياسية بشكل عام.

*يرى البعض بان المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد أشبه بالمرحلة الانتقالية التي نصت عليها اتفاقية الوحدة وبالتالي سيكون مالها الفشل كيف تنضرون إلى هذا الطرح ؟
يبدو بان المرحلة الانتقالية إمامها تحديات صعبة وعاجلة وإذا ما نضرنا إلى الإلية التنفيذية للمبادرة الخليجية نجد أنها تسير بوتيرة ابطى من حركة التحديات التي تقف إمامها وبتأثير اقل في مواجهتها , ذلك إن فعالية التغيير في رئاسة ألدولة والحكومة لازالت في دور التشكل على أنها لا تسيطر على كل مؤسسات الدولة التي تسمح لها بتحقيق الاستقرار والإصلاحات الشاملة , وعملية الوفاق الوطني محمولة على حسابات التنافس لكسب الانتخابات المقبلة , والتي يسعى فيها النظام السابق لإفشال الوضع الجديد , وهو تقليد عريق لإدامة التخلف وعدم الاستقرار عرفناه مع بداية الوحدة, ومع ذلك فان الناس يريدون على الأقل إن يشعروا بالأمل بأن مسئولي الدولة الحاليين يصححون أخطاء الماضي بسلوكهم ليغدو نموذجا يحتذي به كما قال الدكتور ياسين سعيد نعمان, وان يكرسوا أولويات عملهم إلى جانب تحقيق الأمن ومحاربة الإرهاب , لتصحيح الأوضاع ألاقتصادية والسيطرة على ثروات البلاد واستثمار إمكانياتها لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب من خلال إعادة النظر بالاتفاقيات المجحفة لأسعار الغاز وخدمات النفط وميناء عدن والتي لا اعتقد إن القوانين الدولية تقرها , ولا إن الدول الشقيقة و الصديقة ترضاها إذا ما طرحت المسألة بصورة جدية , وهي التي تعبر عن معارضتها للفساد في قضايا التعاون الاقتصادي, وتبدي الحرص على مساعدة اليمن لتحقيق التنمية والحد من البطالة والفقر الحاملة لعدم الاستقرار والتطرف والإرهاب , ثم إن المجتمع يتطلع إلى ضرورة استعادة الحكومة لموارد الدولة من المؤسسات الايرادية والموازنات الفائضة لبعض الوزارات والمشاريع , وإيقاف تهريب المشتقات النفطية , وتحصيل ديون المؤسسات الخدمية والكهرباء والاتصالات والمياه.. الخ. وإلغاء الوظائف الوهمية العسكرية منها والمدنية , وذلك قبل التوجه إلى خصم مستحقات ومعاشات قيادات وكوادر الدولة المعتمدين عليها .
*وهل تعتقدون بان الملعب السياسي مهيأ لدخول في حوار وطني جاد يضع كل القضايا على الطاولة وينتج حلولاً لكل مشاكل البلد؟
عندما يتعلق الأمر بمؤتمر الحوار الوطني فان ذلك يذكر بتجارب المؤتمرات والحوارات السابقة ( منذ مؤتمر حرض وخمر إلى حوار المائتين الأخيرة) , التي لم تكن تنتج سوى تسويات هدنه واقتسام المصالح وتوظيفها لتحضير مواجهات جديدة, حتى وصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم. إن نجاح مؤتمر الحوار يرتبط بإخراجه من دائرة التمثيل السياسي والفئوي وألو جاهي إلى حالة جديدة تقوم على الشراكة المجتمعية في التحضير له وفي مداولاته ونتائجه , مع ما يتطلبه ذلك من توجيه دعوه مفتوحة للمشاركة بأوراق عمل حول موضوعاته المختلفة وإجراء المناقشات والمناظرات التلفزيونية والندوات وورش العمل المتخصصة لبحثها و معالجتها , وبالتركيز على حل القضايا الوطنية وفي الصدارة منها الحل العادل للقضية الجنوبية بما يرضي الجنوبيين فعلا كما يقولون , وفي سبيل إنجاحه لابد من اعتماد المنهج العلمي في بحث القضايا التي سيتناولها المؤتمر , والتي يقوم على مراجعة تجارب التاريخ الوطني وما أغناها , وتحليل عميق لطبيعة الأوضاع العامة للبلاد في كل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية , وحقيقة وتأثير المواقف و العوامل الخارجية , وتحديد ماهية وحجم المشاكل القائمة, وتعيين اتجاهات وإمكانيات واليات معالجتها, وبرامج الإصلاحات اللازمة لتنفيذها.
وفي كل الحالات فان الآمال تبقى معلقة على دور وفعالية الشركاء الإقليميين والدوليين لنجاح العملية السياسية وتأمين مسار التسوية وتطبيق المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية , وكبح العراقيل إمامها , ذلك الدور الذي أصبح على المحك اليوم.
*انشغلت القوى السياسية والثوار في الساحات والحراك الجنوبي والحوثيين في دوامة صراع الإرادات مما أدى ذلك إلى وجود فراغ على الأرض مكن تنظيم القاعدة بمسماه الجديد (أنصار الشريعة) من التمدد الأفقي في محافظات الجنوب كيف تقيمون ذلك؟
الحالة في الجنوب محمولة على البدايات التي أصبح معها شريكا في الوحدة, وهناك مثل ياباني يقول ان الذي يبدءا خطاء يستمر في الخطاء , وكان واضحا إن حرب صيف 94 كانت إعلان فشل للوحدة الاندماجية , ومشروعا لم يستهدف حضور الحزب الاشتراكي فقط ولكن لتدمير مؤسسات دولة الجنوب بالكامل وإلقاء عشرات الآلاف من كوادر ألدوله المدنية والعسكرية وموظفيها المقتدرين إلى الشارع وإفقار المجتمع الجنوبي بشكل عام .
جاءت ثورة الشباب وأحدثت هزة في بنية النظام المتهالك ناهيك عن حالة الشلل التي أحدثها الحراك في بنية النظام في الجنوب والتي لازمته منذ ان اشتد عود الحراك وتوسعت قاعدته ورقعته الجغرافية ، وهذا أدى إلى استغلال بعض القوى لهذا الفراغ بإشاعة الفوضى وانتشار العنف في الكثير من مناطق الحراك بهدف تشويه سمعته وإظهار عدم قدرته على تأمينها والسيطرة عليها واتسعت لتشمل كل إنحاء الجنوب والذي بدئ انه يواجه حربا مفتوحة تستهدف بصورة منهجية القضاء على الثقافة المدنية للمجتمع وروح الانضباط لسلطة النظام والقانون التي تنامي اكتسابها على مدى 150 عاما , ويجري العبث بنظامه الإداري وتشجيع ظواهر الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة واستغلال حالة الفقر والبطالة لتشكيل مناخ للإرهاب وتجنيد الشباب للانخراط في عملياته المختلفة .
وفي هذه الإثناء جاءت ما قيل انه أطلق عليها عملية " ضوء الفراشة" والتي بدئ أنها لا تحرق سوى فراشات قليلة ولكنها تولد أسرابا كثيرة غيرها , فبعد السيطرة على محافظة أبين أخذت تنتشر لتسيطر على مديريات ومناطق في محافظات مجاوره أخرى, وغدت عملياتها تظهر في كل مكان من ارض الجنوب وحتى إحياء مدينة عدن , وشيئا فشيئا اخذ واقع جديد يتشكل لا ليعود الجنوب إلى ما كان عليه في الماضي بل إلى ما هو ابعد وأكثر من ذلك وهذه المرة على الطريقة الإسلامية.
*لا يستقيم الحديث عن القضية الجنوبية دون الحديث عن الحراك باعتباره العنوان الأبرز فيها كيف تقيمون مسيرة خمسة أعوام من الحراك ؟
لما رفضت السلطة مطالبات الحزب الاشتراكي بمعالجة اثأر الحرب وتطبيع الأوضاع وتصحيح مسار الوحدة ,اندلعت حركة الاحتجاجات الشعبية في الجنوب وإمام مقابلتها بالقمع تطورت إلى حراك سلمي واسع التفت حوله جماهير الشعب ومختلف قواه السياسية والاجتماعية ,والذي احدث حالة من الشلل العام للسلطات المحلية في المناطق التي اتسع تأثيره عليها حتى امتدت لتشمل كل المحافظات الجنوبية, وبدلا من توجه قيادات الحراك ونشطاه إلى العمل سوية مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني لبلورة رؤيا وقيادة واستراتيجيه موحده لإدارة ألانتفاضه الشعبية والمناطق التي وقعت تحت تأثيرها, انقسموا إلى مجالس وهيئات عديدة أصبحت تغلب اختلافاتها على القواسم المشتركة التي تجمعها.
كان على الحراك ولا زال الاستفادة من تجربة الماضي للحركة الوطنية رغم اختلاف الصروف والزمن والتي لم يكن لها إن تنجح بدون وحدة فصائل العمل الوطني في إطار الجبهة القومية وحتى التي اختلفت معها ظلت تحاورها إلى عشية الاستقلال, وكان لديها رؤية متكاملة في إطار الميثاق الوطني ,وتمكنت من كسب تأييد ودعم الكثير من دول العالم وعلى الأخص بلدان   التحرر الوطني والدول الاشتراكية, ووضعت في صدارة اهتمامها رعاية المناطق التي كانت تقع تحت تأثيرها وتشكيل لجان شعبية لتأمين وإدارة تلك المناطق التي أصبحت تحت نفوذها.


ما هو المطلوب من الجنوبيين لمواجهة المخاطر والتحديات التي تحدق بقضيتهم ؟*
بعد إن وصلت الحالة إلى المستوى الذي اشرنا إليه سابقاً فأنه لم يعد مقبولا إلقاء المسؤولية على حراك الداخل لمواجهة هذه التحديات وحده, بل إن الأمر أصبح يتطلب حشد جهود وطاقات كل المجتمع.
إن الأنظار ألان تتجه إلى الدور الذي يمكن للرئيس علي سالم البيض والأستاذ عبد الرحمن الجفري إن يلعباه لاستكمال الجهود التي بذلها الرؤساء علي ناصر محمد وحيدر العطاس والتي يواصلها اليوم الأخ محمد علي احمد في الداخل وعما يمكنهم توجيه الدعوة لاجتماع تشاوري يشارك فيه ممثلي الحراك والتنظيمات السياسية والاجتماعية والشخصيات الوطنية لانجاز الاتجاهات العامة لإعداد رؤيا واستراتيجيه عمل وقيادة مشتركة تمهيدا لعقد مؤتمر حوار جنوبي لإقرارها, والشروع بتشكيل مجلس تنسيق وطني وهيئات تنسيقية مشتركة على مستوى الجنوب والمحافظات والمديريات والإحياء للتصدي لكل التحديات التي يواجهها الجنوب, وضمن ذلك التنسيق مع الواجهات الاجتماعية و المجالس المحلية والشرطة المدنية المستجيبة للتعاون من اجل الحفاظ على امن المواطنين وحل مشاكلهم وتأمين مصالحهم وتنقلاتهم على الطرق ألعامه, وعلى سلامة واستمرار مؤسسات الخدمات العامة , ومنع الاختراقات والاعتداءات على مناطقهم, ثم انه من الضروري إن ينبثق عن المجلس الوطني لجان متخصصة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتي ينبغي إن يشارك فيها أفضل الكفاءات والخبرات القادرة على تقييم الأوضاع العامة في الجنوب والتعبير عنها والحوارات حولها.
*هناك من برئ بان تعدد الرؤى لا يخدم القضية الجنوبية بل يؤخر حلها فما هو الخيار المناسب للجنوبيين من وجهة نضركم؟

يحتاج الجنوبيين إلى إن يطوروا إستراتيجية نضالية وتفاوضية متكاملة لإدارة الحراك السلمي تجمع بصورة بناءه بين الخيار الذي يتطلعون إليه والخيار الذي يمكنهم تحقيقه في الواقع .ولكنه من الخطاء تحويل القضية الجنوبية إلى بازار سياسي , فحتى الذين أساءوا إلى الجنوب والذين يعملون للإساءة إليه أصبحوا يزايدون على قيادات الحراك أنفسهم برفع أقصى الشعارات,وحتى أركان النظام من أنصار الثورة اعترفوا بان السلطة تمارس "الاستعمار على الجنوب" , وبالرغم من إن مثل هذا القول يعزز مشروعية الدعوة للتحرير والاستقلال, إلا انه لا يكفي التمسك بهذا المبداء والدعوة لاستعادة الدول دون إدراك كيف يمكن تحقيق ذلك , واذكر" إن مراسل صحيفة الواشنطن بوست ومندوبها الإقليمي جاءنا بالصدفة قبل فتره وإثناء لقائنا به بحضور بعض الكوادر السياسية ونشطاء من الحراك سمع الكثير من هذا الكلام وعندما سأل كيف يمكن تحقيق ذلك لم يسمع الإجابات الكافية", وفي الواقع هناك قاعدة علمية يجري اعتمادها لتحديد طبيعة الخيار الصحيح في مثل هذه الحالة وتقوم أساسا على تحديد ميزان القوى الداخلي , ومدى توفر الإمكانيات الكافية لمواجهة التحديات المختلفة وإرادة تحمل التضحيات المحتملة , وتقدير واقعي للمدى الزمني الذي يمكن للشعب إن ينتظر لتحقيق ذلك الخيار , وكذا طبيعة المواقف والتأثيرات الاقليمية والدولية.
*اعتركتم السياسة لسنوات طويلة وتقلدتم مناصب وزارية ثم دبلوماسيه ولكنكم منذ حرب 94م تواريتم عن الظهور في المشهد السياسي كيف تفسرون ذلك ؟
إنا من الناس الذين يعرفون انه لا يمكنهم إن يأخذوا زمنهم وزمن غيرهم , وارى دوري في هذا الجيل الذي غدا يواصل حمل راية الثورة بشرف واقتدار , فمثلهم بدأت مشاركتي في الثورة وعمري لم يتجاوز ال 15 عاما وفي سن ال18 أسندت إلي مسؤولية القيادة المحلية في الضالع .
إما هذه المرحلة فقد عشت إحداثها كاملة منذ الوحدة إلى اليوم , فحين دخلت حوارات الوحدة مرحله جديه, بادرت بتقديم مشروع لوحده فيدراليه ثنائيه في صيف العام 1989 م وافق عليها 85 من بين 111 هم أعضاء مجلس الشعب الأعلى الذي كنت عضوا فيه على أمل إن يساعد ذلك قيادة الحزب في اتخاذ الخيار الأنسب, ولكن الرياح سارت بما لا تشتهي السفن. وعشية تحقيق الوحدة تقدمت بمبادرة لإعادة تقديم الحزب كحزب اشتراكي ديمقراطي في برنامجه وسياساته وحتى تسميته وانه غدى يتطور على طريق الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية المنتشرة في مختلف بلدان العالم , لتجاوز حالة الشكوك حول توجهاته والعداء له , وأكدت على ذلك في الافتتاحية التي كتبتها لأخر عدد من صحيفة الثوري يصدر في عدن في شهر مايو من العام 1990م. ولتفادي تفاقم ألازمه التي نشأت بعد الوحدة تقدمت بمبادرة لتحقيق الوفاق الوطني في العام 1992م تحت عنوان " نحو بناء دولة الوفاق الوطني من اجل مستقبل أمن ومزدهر لوطننا اليمن" نشرتها صحيفة صوت العمال والتي تضمنت ضرورة إشراك القوى السياسية والاجتماعية الأخرى- الإسلامية والقومية- في العملية السياسية بما يساهم على بناء تجربه نموذجيه تتجاوز حالة الاستئثار والصراع, وتسمح بتأمين الشراكة الوطنية لثلاث دورات انتخابيه قبل الانتقال الى عملية التداول السلمي للسلطة والتي كانت احد أسباب اندلاع الأزمة وتطورها نحو الحرب في العام 1994.
وبعدها عدنا الى منطقتنا الضالع للعمل على تجنيبها كارثة كان يجري التحضير لها , فحين كانت تبدي تجاوبا مع كل ظواهر الرفض والمقاومة لنتائج الحرب وحالة استجابة لكل إشكال المعارضة التي ظهرت بعد توقف الحرب مثل منظمات ( موج , حتم , اللجان الشعبية وغيرها..) أخذت قوى متطرفة في السلطة تعد لتوجيه ضربه قاسيه لمنطقة الضالع أرادها أولئك المتطرفين كانتقام لحرب 72 و 79 وعبرة لمناطق الجنوب الأخرى , وقد سمع أبناء الضالع تهديدات علنية بشيء من ذلك, فالبعض من جماعات الرؤؤس الحامية والعتيقة كان يعتقد انه يستطيع إخضاع الجنوب بنفس ألطريقه التي نفذت فيها مذبحة قلعة المقاطره في تعز أو مجزرة الزرانيق في تهامة لإخضاع مقاومة أبناء تعز والحديدة في العهد الأمامي,وبالتعاون مع مختلف القوى السياسية والواجهات الاجتماعية تمكنا من احتواء وتجاوز تلك المخاطر المحتملة, بالدعوة الى التهدئة والتركيز على التعبئة السياسية إلى إن تصبح ضرورة المقاومة حاله عامه لدى المجتمع الجنوبي بشكل عام.
و في العام 2005م عندما تأكد إن الحوار أصبح ضرورة لمواجهة ألازمه التي تصاعدت من جديد وتوقفت المداولات على معرفة ماهية القضايا التي سيبحثها المؤتمر واتجاهات الحلول المتوقعة , تقدمت بمبادرة وجهت لقادة الأحزاب ونشرتها صحيفة الوسط لبناء ألدوله الاتحادية في إطار مشروع تحت اسم " نحو مصالحة تاريخيه ومشروع وطني للتحول الديمقراطي والتنمية الشاملة".
واليوم فان كل تلك القضايا التي تضمنتها تلك المبادرات والمواقف أصبحت موضوعات للحوار الذي يدعون إليه , ولكن بعد معاناة طويلة دفع الشعب خلالها ثمنا غاليا ودماء غزيرة لازالت تنزف و بدون توقف.
* لماذا لما نرى لكم إي نشاط سياسي سواء في الحركة الشعبية الجنوبية أو غيرها؟
نحن نمارس نشاطنا السياسي في الإطار الجمعي للحزب الذي ننتمي إليه , والذي تقوم به و تعبر عنه هيئات الحزب القيادية وأمانته ألعامه من خلال المواقف والفعاليات التي ينظمها الحزب او يشارك فيها على مستوى المركز والمحافظات ,وبالنشاط اليومي لأعضائه في محيط حياتهم وعلاقاتهم داخل المجتمع, وقد غدا معروفا للجميع إن تلك المشاركات والأدوار أضحت تمارس تأثيرا كبيرا على مجمل الإحداث السياسية و الوطنية وفي الوصول الى الكثير من المعالجات المرتبطة بتطورات القضية الجنوبية و الثورة الشبابية والتي شملت اتجاهات كثيرة بدأْ من تأييد الحزب لحركة الاحتجاجات وتطوره الى حراك سلمي واسع ودعوة قواعد الحزب للمشاركة فيه والدفاع عنه وإقناع قيادات المشترك بتفهم دوافعه وتأييده والعمل معها للدفاع عنه وإطلاق سراح معتقليه وإدانة والحد من ممارسة إعمال القمع ضده, وما شكله ذلك من غطاء سياسي لتنامي الحراك والثورة الشبابية أيضا, كما أصبح معلوما ذلك الدور المتميز الذي يلعبه الأمين العام للحزب الدكتور ياسين سعيد نعمان والهيئات القيادية في إطار العملية السياسية والوطنية بشكل عام وعلى وجه التحديد توظيف مكانته وعلاقاته في تقديم القضية الجنوبية والاعتراف بها كقضية سياسيه ورفع مستوى وخيارات معالجتها لدى المعارضة و ممثلي المجتمع الإقليمي والدولي ومنظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية. وفي كل الحالات ليس كل ما ينشط فيه الإنسان في إطار تلك الفعاليات يصبح مشروعا للتصوير والإعلان فذلك لا يمت الى القيم الثورية والوطنية بصله, وعدى هذا فانا ألان أعكف على إعداد موضوع حول " الحوار الوطني والقضية الجنوبية", وفي تأسيس مركز للمساعدة الاهليه , وإشهار منتدى الوفاق الوطني.
*ما الذي يلوح في الأفق فيما يتعلق بمستقبل الجنوب ؟
مستقبل الجنوب يتحدد من خلال قدرة الحراك على توحيد صفوفه والعمل مع قيادات الخارج و كل القوى السياسية والاجتماعية للحفاظ على حالة الزخم الذي وصل إليه وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية فيه, وإدارتها بصورة بناءه, ويتحدد مستقبل الجنوب بمستوى وكفاءة صياغة رؤيته السياسية وعرض قضيته العادلة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي وكسب التأييد لها , وتجنب إثارة العداءات والشكوك حولها, والإدراك بان مصير ومستقبل الجنوب وكل اليمن يرتبط وثيقا مع أشقائنا من بلدان الجزيرة العربية وشركائها في العالم, ذلك إن قانون العلاقات الدولية المعاصر يدفع نحو إقامة التكامل والاتحادات الإقليمية والاندماج في المجتمع الدولي لتأمين شروط التطور والأمن والحرية.وبالتأكيد فأن هذه البلاد لا تحتاج لسفر "يزني" جديد فهو لم يجلب لها سوى التدخل والسيطرة الأجنبية, ولا لأستشراق إيديولوجي أخر, فالتاريخ لا يكرر نفسه إلا بشكل المأساة او المهزلة او كلاهما معا كما تقول الحكمة التاريخية .
*في ضل حكومة الوفاق هل عرض عليكم تولي مناصب وهل زيارات قيادات في حزب الإصلاح لكم مؤخرا تأتي في هذا الجانب ؟
إنا لم أكن يوما من هواة البحث عن المناصب , وفي كل تلك المسؤوليات التي تحملتها منذ اختياري مسئولا للقيادة المحلية في الضالع في العام 1967م وحتى تعييني وزيرا كان يجري اتخاذ القرار بها من قبل الهيئات القيادية المعنية ,ولا أخفيك أنني كنت اشعر في كل مره بالقلق والخوف أحيانا من إنني لن استطيع تأدية مهام كل وظيفة كانت تسند إلي حتى أباشر إدارة تلك المسؤوليات بنجاح فأشعر بالاطمئنان وبرضا ضمير, و انطلاقا من المبادرات والمساهمات التي نقدمها لحل المشاكل الماثلة والدعوة لحشد ووحدة قوى و طاقات المجتمع لمعالجة التحديات التي تواجه البلاد, وتأمين استقرارها وبنائها ,وهي اكبر من طاقة إي قوه سياسيه او اجتماعيه بمفردها , فأنني احتفظ بعلاقات ودية مع الكثير من قيادات وكوادر القوى السياسية و الاجتماعية والشخصيات العامة وقد تشرفت باستضافة قيادات المشترك مجتمعة او منفردة في مناسبات سابقه عند زياراتها لعدن, وقبل فتره ولكن قبل التغييرات السياسية
استقبلت قيادة الإصلاح ونشطاء في الحراك بعدن لهدف الحديث وتبادل الرأي حول إمكانيات التقارب والتنسيق,وعدى ذلك نلتقي مع بعض الإخوة والأصدقاء من مختلف الاتجاهات الوطنية مثل ما يفعله بقية الناس في حياتهم اليومية.
ما هي الكلمة الأخيرة التي تودون قولها؟
إن وحدة الجنوبيين في إطار مجلس تنسيق وطني غدت ضرورة موضوعيه ومطلبا شعبيا وإقليميا ودوليا ملحا لإدارة الحراك السلمي الجنوبي بصورة بناءه, والتحضير للمشاركة في مؤتمر وطني دولي يستند على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة,و ينبغي الإدراك بان المجتمع الإقليمي والدولي لطالما كان شريكا حاسما لتحديد مستقبل ومصير هذه المنطقة من اجل تأمين مصالحه وأمنه, وهذه المرة بصوره علنية رسمية واضحة , ذلك إننا نتواجد في منطقة ظلت ولازالت تشكل قلب العالم وقبلته.
تنشره (الأولى) بالتزامن مع الزميلة (الوسط)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق